أفريقيا الفرنسية والسجن المفتوح



بما أن  اللغة الانجليزية أصبحت اللغة العالمية فإن الكثير من البلدان الإفريقية وجدت نفسها منعزلة عن العالم. الأغلبية العظمى من دول العالم أصبحت تدرس اللغة الانجليزية منذ السنوات الأولى للتعليم العام وتستعملها بشكل كبير في كل مجالات الحياة الحيوية: الأعمال, التكنولوجيا, العلوم, التعليم العالي, الدبلوماسية, التجارة الدولية والتعاون و التواصل الدوليين.

التحدث باللغة الانجليزية أصبح مهارة أساسية بالنسبة للأفراد وقدرة ضرورية بالنسبة لكل الدول. ولقد أصبح واضحا أن عدم القدرة على التحدث باللغة الانجليزية يعتبر إعاقة وسببا أساسيا في العزلة و التخلف.

ويوجد الآن فقط حوالي 40 بلدا في العالم, من مجموع 203, التي ما زالت لا تستعمل اللغة الانجليزية كلغة أجنبية ثانية, وباستثناء لوكسمبورغ, فإن كل هذه البلدان تعتبر بلدانا نامية, وتتواجد بشكل رئيسي في أفريقيا الشمالية والغربية والوسطى وتسمى كذلك بأفريقيا الفرنسية. وتعتبر أفريقا الوسطى والجنوبية بالخصوص من بين أكثر مناطق العالم فقرا, والالتحاق ببقية المجتمع الدولي أصبح أمرا حيويا بالنسبة لهذه البلدان.

استعمال اللغة الانجليزية سوف يساعد هذه البلدان على تحقيق نمو أكبر وارتباط أقوى مع بقية العالم. بداية سوف يحسن مستوى التعليم بفضل الموارد التعليمية المتوفرة باللغة الانجليزية و الإمكانيات الإضافية للتعاون الدولي في مجال التعليم التي سوف تتحقق سواء على المستوى الحكومي أو المؤسساتي. وسوف تستفيد الجامعات بشكل خاص من الانضمام إلى الشبكة العالمية للبحث والتعليم العالي والتي ستساعد على تدريب المعلمين وبالتالي تحسين النظام التعليمي ككل. بالإضافة إلى ذلك, فإن مجرد تعليم اللغة الانجليزية للتلاميذ سوف يزودهم بمهارات أساسية في حياتهم المهنية.

أما الفائدة الأخرى لاستعمال اللغة الانجليزية هي أن هذه البلدان سوف تستفيد من الولوج إلى عالم التكنولوجيا والتي هي المحرك الرئيسي لأي نمو. فالاعتماد على ترجمات بلد واحد يجعل هذه البلدان في منأى عن الكثير من الابتكارات والموارد المهمة جدا والتي من شأنها أن تكون حاسمة في تطور البلدان الإفريقية, كما يجعلها تتضرر من انعكاسات التبعية التي تشكلها اللغة الفرنسية. ومن التجارب الناجحة في هذا المجال في العالم هي الهند والبرازيل.

ونقطة أخرى هي أن استخدام اللغة الانجليزية سوف يساعد على إنشاء قطاع أعمال أفضل واقوي لأنه سيسمح بالاستفادة من الموارد التقنية والإدارية, وبالتالي سيسمح بتدريب يد عاملة أكثر مهارة وتأهيلا. كما أنه سوف يزيد بشكل كبير من فرص الشغل و يوسع من الأسواق العالمية.  والاعتبار الآخر هو أن استخدام اللغة الانجليزية سوف يساعد على جلب الاستثمار الأجنبي لهذه البلدان مما سوف يساهم بشكل كبير في اقتصادياتها مساعدا بذلك على تنمية الموارد الاقتصادية على المدى البعيد. بالإضافة إلى ذلك فإن الاستثمار الأجنبي هو واحد من الأدوات الاقتصادية المهمة التي تساعد على نقل و نشر المعرفة والتقنية والمهارات.

أما على المستوى الثقافي, فإن اللغة الانجليزية سوف تساعد البلدان الإفريقية على الاستفادة من الثقافات الأخرى , وأهم من ذلك سوف تجعلها قادرة على نشر وترويج ثقافتها لبقية العالم و بالإضافة إلى التبادل الثقافي الذي يمكنه استخدام اللغة الانجليزية. كما أن اللغة الانجليزية هي بمثابة نافذة تسمح بالنفوذ إلى وسائل الإعلام العالمية والاستفادة من الأخبار والآراء من مصادر مختلفة. وهذا سوف يسمح لها بتكوين رأيها الخاص والمساهمة في الرأي العالمي.

وأخيرا, فإن استخدام اللغة الانجليزية سوف يساعد هذه البلدان على أن تكون جزءا من المجتمع الدولي وأن تكون أكثر استقلال بفضل قدرتها على تنويع مصادر التعاون الدولي وبناء علاقات جديدة مع دول أكثر حول العالم.

وفي الختام, فإن استخدام اللغة الانجليزية في هذه البلدان سوف يساعد على خلق مهن أكثر ويخفض من نسبة البطالة. وإذا ما استخدمت الانجليزية في الأنشطة الاقتصادية الحالية  بدلا من أي لغة أخرى فسوف يساهم ذلك في خلق فعالية أكثر وسينمي الاقتصاد المحلي بفضل الاستعمال المنتشر للغة الانجليزية و المكتسبات التي يمكن تحقيقها بالاعتماد على الموارد الضخمة المتوفرة باللغة الانجليزية.

أما من الناحية السياسية, فإن استخدام اللغة الانجليزية سيساعد هذه البلدان على التخلص من العلاقة الاحتكارية التي تبقيها في الحديقة الخلفية لفرنسا, والتي تشكل النافذة الوحيدة التي ينظرون عبرها إلى العالم بشكل محدود وضيق, بدون أن نأخذ في الحسبان التأثير الانعزالي لحاجز اللغة والذي يشبه جسنا مفتوحا.

0 Komentar untuk "أفريقيا الفرنسية والسجن المفتوح"

Back To Top